سطور في كثرة التوجيهات وتتابعها على الأبناء

سطور في كثرة التوجيهات وتتابعها على الأبناء

قد نكثر من التوجيهات لأبنائنا بدافع الحرص عليهم كوننا آباؤهم وأقرب الناس إليهم..
لكن المشكلة تكمن في أننا كآباء نعطي كمية من التوجيهات وكأن الإبن آلة يترجم عمليا كل ما يسمعه..
لذا نجد بعضنا يشعر بالارتياح والنجاح حين يصدر كل ما في ذهنه من توجيهات ويتأكد من وصولها كلها إلى مسامع الإبن..
القضية ليست قضية لسان وأذن
إنما القضية قضية قلب وعمل
إن تراكم التوجيهات بعضها فوق بعض قد تنتج خسائر بالجملة..
بل ربما كانت الأضرار أكثر بكثير من المنافع،

فمن الأضرار:

– التبلد واللامبالاة وربما التأفف أثناء سماع التوجيهات
– الكسل والثقل أثناء أداء التوجيهات ولو كانت شعائر تعبدية
– كراهية الجلوس مع الأب واستبداله بآخرين كالأصدقاء

إذا كنا بحاجة إلى ابن يحسن الترجمة العملية للتوجيهات التي يسمعها..
فإننا قبل ذلك بحاجة ماسة إلى أب يحمل المواصفات التالية:
1. صبور و صاحب نفس طويل في تصحيح الأخطاء..
2. يركز في طرحه على المبادئ و القيم أكثر من التوجيهات العملية
3. الاهتمام والتركيز على إصلاح علاقته مع الله بصدق، فيصبح بذلك قدوة عملية ينظر إليها الإبن، لا فقط يسمع منها..
4. يكثر من المصاحبة والجلوس مع الإبن والنزول إلى مستوى اهتماماته من غير التدقيق على الأخطاء فيكثر من التوجيه..

وبعد ذلك كله نقول: الهادي هو الله وما نحن إلا أسباب..
اللهم أصلح لنا النية والذرية..

أمران ينبغي توفرهما داخل الأسرة التربوية:

1. الأمن الفكري

الابن في الأسرة التربوية لا يخاف من اللوم..
لأنه يعلم أن خطأه سيتم علاجه بحوار..

الابن في الأسرة التربوية لا يقلق من العقاب لأنه يعلم أن العقاب سيتم استبداله بتوجيه..

2. الحرية في الاختيار

كثرة القيود و التنبيهات تعمل عن القلق و السلبية و الجهود و التبعية
في حين ترك مساحة كافية لاختيار الابن سيولد الابداع و الاكتشاف وغرس القيم..

التربية على النقد التحليلي داخل الأسرة التربوية:

الابن في بداية العمر غالبا ًيكون مهيأ للتبني والتنفيذ، وليس للتحليل النقدي والعقلي للأفكار المطروحة..

لذا.. وحتى لا يتم استغلاله من أطراف فكرية غير موثوقة
ينبغي تدريبه على تحليل ونقد الفكرة المطروحة عليه قبل تبنيها..
وتدريبه على اتخاذ مواقفه من الأفكار بما تحمله من حقائق لا جواذب..

في هذا الزمن تكثر الأفكار المنحرفة وتتداخل و تعرض بطريقة جذابة وربما عقلانية، و ليس صحيحاً أن نقاوم هذه الأفكار بفرض الفكرة الصحيحة فرضاً..

ولا يجدي تغليف هذا الفرض بغلاف ظاهره الحوار والإقناع ما دام أن نهايته وحقيقته الفرض

توصيات:
1. لابد للأب أن يطور نفسه تدريبا وثقافة ولا ينشغل عن ذلك بتكاليف الحياة المعيشية التي يجر بعضها بعضاً

2. لابد من تشجيع الابن على طرح الأسئلة و من ثم الإجابة عليها كلها، وهذا يقتضي كثرة الجلوس معه ومصاحبته..

3. غرس وتثبيت أصول المبادئ والقيم ليس بأسلوب التلقين وإنما بالحوار و المناقشة المدعوم بالأدلة والمحاط باللين والأريحية..

4. عدم الاتكاء على تاريخ ومسارالأسرة المعروف بالصلاح والانضباط.. فالأفكار اليوم تخترق الحواجز..